اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 75
المشاجرة والمقاتلة مع المخالفين الناكبين عن طريق الحق بالشرك والإشراك لتظهر شمس التوحيد على الآفاق ويضمحل شوب الكثرة والثنوية المنبعثة عن الكفر والنفاق ويتميز الحق عن الباطل والوجود عن العدم العاطل
فقال كُتِبَ عَلَيْكُمُ ايها المؤمنون الْقِتالُ مع مخالفيكم من اهل الكثرة وَهُوَ كُرْهٌ مكروه مستهجن لَكُمْ مذموم عندكم ما دمتم في انانيتكم وهويتكم هذه وما دمتم أنتم فيها مع تكثر الإضافات ولوازم الإمكان وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً في النشأة الاولى وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ في النشأة الاخرى وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً فيها وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ فيها وَبالجملة اللَّهُ المطلع بسرائركم يَعْلَمُ خيركم ويأمركم به وشركم فيحذركم عنه وَأَنْتُمْ بمقتضى هويتكم هذه لا تَعْلَمُونَ شيأ من الخير والشر بل لكم التعبد والإطاعة والانقياد بعموم ما امر ونهى والعلم عند الله العزيز العليم وسرائر الأمور واسراره مخزونة عنده محفوظة لديه لا يعلمها الا هو
يَسْئَلُونَكَ ايضا ايها الداعي للخلق الى الحق بالحق عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ اهو من المحرمات الإلهية بمقتضى حكمته البالغة أم لا ويسئلونك ايضا عن قِتالٍ واقع فِيهِ اهو ايضا من المحرمات الشرعية أم لا قُلْ يا أكمل الرسل للسائلين نيابة عنا هما من جملة محرماته سبحانه التي قد اقتضتها حكمته المتقنة البالغة بل قِتالٍ فِيهِ ذنب كَبِيرٌ إذ هو خروج عن مقتضى الحد الموضوع من لدنه سبحانه في هذا الشهر وَمع كونه ذنبا كبيرا صَدٌّ منع وصرف ايضا للتجار عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الذي قد أباح لهم سبحانه تكسب معاشهم وَمع ذلك العياذ بالله كُفْرٌ بِهِ اى بالله بعدم اطاعة امره وَصد ايضا عن طواف الْمَسْجِدِ الْحَرامِ الذي قد حرم الله الصد والاعراض عنه روى انه عليه السّلام بعث عبد الله ابن جحش ابن عمته على سرية في جمادى الآخرة قبل بدر بشهرين ليترصد القفل الذي كان لقريش في جانب الشام وفيهم عمرو بن عبد الله الخضرمي وثلثة معه فلما ظفروا عليهم قتلوا الخضرمي وأسروا اثنين واستاقوا العير نحو المدينة وفيها تجارة للطائف ايضا وكان ذلك غرة رجب وهم يظنونه من جمادى فقال قريش قد استحل محمد الشهر الحرام مع انه قد كان شهرا يأمن فيه الخائف ويتردد الناس فيه الى معايشهم ثم لما سمع صلّى الله عليه وسلّم تعيير قريش قال لعبد الله ما أمرت لك بالقتال في الشهر الحرام وسوق العير فيه وشق هذا القول على اصحاب السرية وقالوا ما نبرح حتى تنزل توبتنا فنزلت ورد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم العير والأسارى فلاموه وعيروه على ما صدر عنه وقالوا يتوجه الى المسجد الحرام ويمنع الزوار منه رد الله عليهم فقال وَإِخْراجُ أَهْلِهِ اى اهل المسجد الحرام مِنْهُ عدوانا وظلما أَكْبَرُ ذنبا عِنْدَ اللَّهِ من منع الزوار والقتل سهوا او خطأ ناشئا من عدم التدبر في تعيين الوقت إذ الإخراج افتتان بين المسلمين المستأهلين ببيت الله وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ إذ شرها عام ممتد بخلاف القتل وَبالجملة ان الكفار المصرين على الكفر والعناد لا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ ايها المؤمنون حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ المنزل عليكم من ربكم هداية لكم إِنِ اسْتَطاعُوا وَالحال انه مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ الذي هو الايمان والتوحيد فَيَمُتْ بعد الارتداد وَهُوَ كافِرٌ ساتر طريق الحق تارك مشرب التوحيد فَأُولئِكَ الكافرون المرتدون عن طريق الإسلام قد حَبِطَتْ انحطت واضمحلت وسقطت عن درجة الاعتبار عند الله أَعْمالُهُمْ الصادرة عنهم بالمرة بحيث لا تفيد لهم أصلا لا فِي الدُّنْيا لحرمانهم عن مصاحبة اهل الايمان والعرفان وَلا في الْآخِرَةِ لإرجاعهم
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 75